رؤى

هل ترسم التقنيات الحديثة مستقبل التعليم في العالم؟

تِك راوي - 2 نوفمبر 2021
HP
مصدر الصورة -
التعلم الهجين

بقلم: فيشنو تيمني، نائب الرئيس والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وشرق أفريقيا في «إتش بي» HP

تسببت جائحة “كوفيد-19” في إبعاد أكثر من 1.5 مليون طفل عن مدارسهم في جميع أنحاء العالم خلال العامين الماضيين، وبذلك أدركنا لأول مرة إمكانية الحصول على التعليم من أي مكان، عند استخدام التكنولوجيا المناسبة.

ومع دخول بلدان العالم إلى مرحلة التعافي من تأثيرات الجائحة، ستتغير استراتيجيات التعلم فيها. ووفقاً لاستطلاع شركة «إمباكت إد» EmpactEd، تعتقد نسبة 60% من المدارس التي شملها الاستطلاع في آسيا أن التعلّم متنوع الأماكن هو سبيل التعليم نحو المستقبل. وفي الولايات المتحدة، تسعى واحدة من بين كل خمسة مناطق تعليمية لاستكشاف إمكانية توفير التعلّم عبر الإنترنت خارج نطاق المناهج الدراسية. في حين يعتقد حوالي ثلثي المعلمين وكبار القادة في المملكة المتحدة بأنهم الآن أكثر ثقة باستخدامهم للتكنولوجيا في التعليم مما كانوا عليه قبل “كوفيد-19″، وفقاً للاستطلاع.

ونتيجة لذلك، هناك أمرٌ واحدٌ مؤكد، وهو أن التعليم لن يعود كما كان. وأصبحت مهمة المسؤولين في قطاع التكنولوجيا واضحة؛ فنحن مدينون للطلاب والمعلمين في كل مكان بالاستيعاب الكامل للدروس المستفادة منذ عام 2020، خلال سعينا لسدّ النقص في القدرات الرقمية، ولتحديد الدور الهام للتكنولوجيا في مجال التعليم خلال السنوات القادمة.

دروس مستفادة

يمثل التعليم طريقاً مؤكداً نحو النجاح واغتنام الفرص، ومن المهم إضفاء مزيد من القيمة على التعليم، وتسهيل الوصول إليه، خاصة مع تطوره وتحوّله نحو الشكل الرقمي بصورة أكبر. وقد أشار بحث أجراه معهد السياسات الاقتصادية إلى أن التعلم عبر الإنترنت لا يكون فعالًا إلا عند تحقيق وصول ثابت للطلاب إلى الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر، وحصول المعلمين على التدريب والدعم المناسبين.

وبرغم أن انتشار جائحة «كوفيد-19» قد استدعى إيجاد حلول سريعة، وإن كانت غير كاملة، فإن الوضع الذي نواجهه الآن يستلزم تغيير توجهاتنا، وينبغي أن تعمل قيادات التعليم والتكنولوجيا والسياسة العامة معاً على تصميم أدوات وأنظمة ذكية تتميز بها المرحلة المستقبلية القادمة للمساواة في نشر التعلّم الرقمي بين الجميع.

حلول تعاونية

ستشهد الفصول الدراسية انتقالاً بين مواقعها المعتادة والافتراضية بصورة متزايدة، ويستلزم ذلك مجموعة أوسع من المهارات لاستيعاب جميع المشاركين. فعلى سبيل المثال، سيحتاج المعلمون إلى أجهزة سهلة الاستخدام، وإلى زيادة المهارات وتكنولوجيا المعلومات كخدمة يتم دعمها. كما سيحتاج الطلاب إلى أجهزة كمبيوتر وشبكات «واي فاي» عالية الكفاءة، ومزيج من الأدوات الرقمية والأجهزة الإلكترونية لتعزيز تجاربهم السمعية والبصرية واكتساب المهارات الشخصية والأساسية. أما الآباء ومقدمو الرعاية فسيحتاجون إلى حلول تُوفر لهم رؤية واضحة حول تعلّم أبنائهم، مع الحدّ من حاجتهم إلى الإشراف عليهم أيضاً. كما تتطلب تحسينات البنية التحتية تخصيص الموارد في المجتمعات، مع طمأنة الجميع إلى أن بيئة التعلّم متنوعة الأماكن الخاصة بهم آمنة.

وينبغي على قطاع التكنولوجيا تلبية هذه المتطلبات عبر تقديم منتجات جديدة تستخدمها المنظومة المدرسية بطريقة مبتكرة. ولحسن الحظ، يمكننا بالفعل أن نشهد تحقيق ذلك على أرض الواقع. ففي كمبوديا، أثبتت طريقة التعلّم متنوعة الأماكن المتكاملة، والتي تتضمن الرسائل النصية القصيرة والنشرات المطبوعة وتعليقات المعلّم المتواصلة، فعاليتها. وتتضمن منهجيات التعلم متنوع الأماكن في البرازيل تطبيقات الهاتف المتحرك في التعلّم والتفاعل، إلى جانب الدروس المسجلة مسبقاً، والدروس التي يتم عرضها على شاشة التلفزيون العام، وإرسال كتيبات التمارين المدرسية عبر البريد. وفي هذا الإطار، أسهم حلّ التعلّم متنوع الأماكن من «إتش بي» HP في الحدّ من الضغوطات الناجمة عن مشاركة المستندات وتحديد مواعيد الدراسة وغيرها، ضمن المناطق التعليمية في أنحاء الولايات المتحدة.

وعلى المستوى المحلي، تعاونت «إتش بي»  HP في بداية الجائحة مع مؤسسة «أرادَ”»  للتبرع بعدد 1000 جهاز كمبيوتر محمول لتسهيل التعلّم عن بُعد، وعملت منذ ذلك الحين بكامل طاقتها على تطوير حلول برمجية متنوعة مثل برنامج HP للمدارس المتقدمة رقمياً لتزويد المدارس بالأدوات الملائمة لإدارة التعلّم متنوع الأماكن. كما عملت «إتش بي»  HP على تقديم سلسلة من المبادرات التعليمية مثل  فصول التعليم المستقبلية و HP Innovation Garage و«أكاديمية HP للابتكار والتعليم الرقمي» IDEA ، وبرنامج HP LIFE والتي تهدف جميعاً للاستفادة من التكنولوجيا التحولية للتعلّم التفاعلي الشامل.

وعند الحديث عن مستقبل التعليم، ليس هناك حلّ واحد مناسب للجميع، ومع ذلك. ينبغي إعطاء الأولوية لاعتماد منهجيات أكثر شمولاً وابتكاراً في دعم توجّه المدارس نحو تجاوز أنماط التعلّم التقليدية.

تعزيز القدرات

قدّم العام الماضي لمحة عن نموذج التعلّم متنوع الأماكن. ومع التطور المستمر سيوفر هذا النموذج مرونة أكبر للآباء، ويمنح الأبناء فرصة لاكتساب المهارات الأساسية، كما سيتيح للمجتمعات أن تزدهر. ولا يمكننا ببساطة أن نعود إلى النماذج التعليمية التقليدية التي نشأت بعد الثورة الصناعية باعتبارها غير مصممة للقرن الحادي والعشرين.

أما التحدي الذي نواجهه، والمتمثل في التحديث الهادف لمعايير التعليم العالمية، فهو سيؤتي ثماره بطرق لا يمكن تخيلها. وقد أعلنت «إتش بي»  HP مؤخراً أن عام 2025 سيشهد تحسن نتائج التعلّم لدى أكثر من 100 مليون شخص حول العالم، في ظل تسريع تحقيق المساواة الرقمية بين 150 مليون شخص بحلول عام 2030. وفي هذا الإطار، فإن دوافعنا واضحة تماماً؛ حيث إن البشرية تزدهر عند حصولها على التعليم والمساواة.

وقال كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة والحائز على جائزة نوبل للسلام: «يعتبر التعليم حجر الزاوية للتنمية، في كل مجتمع، وفي كل أسرة». وفي هذه المرحلة، يُمثل هذا الانتقال نحو التعلّم متنوع الأماكن نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ التعليم وسيكون له تأثير بعيد المدى على حياتنا جميعاً. وحتى الآن، لا نعرف تماماً إلى أين سيأخذنا هذا النوع من التعلّم، ولكن لا أحد ينكر وجود فرصة هامة متاحة، وأرضية خصبة للابتكار الذي سيغير وجه العالم.

Move to top